الوصف
لن أنسى نظرة نورا حين دخلت مكتبتي، ولم تدخلها منذ زمن طويل، وجدتني واقفا أمام التلفاز أشاهد ركلة جزاء حاسمة في إحدى مباريات نادي النصر، كانت على وشك الحديث، لكن بصرها وقع فجأة على صف سلسلة كتب الوافي بالوفيات طبعة المعهد الألماني، التي تشغل رفا كاملا في 33 مجلدا، كل مجلد أكبر من قبضة اليد، نظرت إليها بحزن، ثم عادت لتحدق في، وأنا واقف أمام التلفاز، وصوت المعلق يصرخ: هدف، هدف، هدف! . سألتني وهي تشير بسبابتها المسترخية إلى الرف وكأنها تستمتع بمنظر غريب وكأنها تنظر إلى حيوان غريب في حديقة الحيوانات: ما هذا؟ قلت بحذر، حتى أنك قد تدرك للأسف خجلي وعدم ثقتي في تبرير هوايتي المربكة: «كتب السير الذاتية». حركت رأسها إلى الأمام وكأنها تلتقط الكلمات الغامضة التي توقفت أمام أذنيها: سيرة من؟ يصرخ المعلق: «إنها تسديدة واضحة على المرمى لا يمكن صدها، يا سلام -يا مجد-». هززت كتفي بنفس الحذر المتراجع: كتاب وشخصيات مرموقة وعلماء، وأضفت، كاشفة عن الانكماش المتصاعد، والناس. أعقب ذلك لحظة صمت، ثم هزت رأسها وضحكت لنفسها، ولوحت بيدها وهي تستدير: «تعالوا إلى الطعام، تعالوا». وخرجت.